فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال أبو حاتم: فتح النون باطل غلط.
{أن أخرج}: أي أخرج من قبري للبعث والحساب.
وقرأ الجمهور: أن أخرج. مبنيًا للمفعول؛ والحسن. وابن يعمر. والأعمش. وابن مصرف. والضحاك: مبنيًا للفاعل.
{وقد خلت القرون من قبلي}: أي مضت. ولم يخرج منهم أحد ولا بعث.
وقال أبو سليمان الدمشقي: {وقد خلت القرون من قبلي} مكذبة بالبعث.
{وهما يستغيثان الله}. يقال: استغثت الله واستغثت بالله. والاستعمالأن في لسان العرب.
وقد رددنا على ابن مالك إنكار تعديته بالباء. وذكرنا شواهد على ذلك في الأنفال. أي يقولان: الغياث بالله منك ومن قولك. وهو استعظام لقوله: {ويلك}. دعاء عليه بالثبور؛ والمراد به الحث والتحريض على الآيمان لا حقيقة الهلاك.
وقيل: ويلك لمن يحقر ويحرك لأمر يستعجل إليه.
وقرأ الأعرج. وعمرو بن فائدة: {إن وعد الله}. بفتح الهمزة. أي: امن بأن وعد الله حق. والجمهور بكسرها. {فيقول ما هذا}: أي ما هذا الذي يقول؟ أي من الوعد بالبعث من القبور. إلا شيء سطره الأولون في كتبهم. ولا حقيقة له.
قال ابن عطية: وظاهر الفاظ هذه الآية أنها نزلت في مشار إليه قال وقيل له. فنفى الله أقواله تحذيرًا من الوقوع في مثلها.
وقوله: {أولئك}. ظاهره أنه إشارة إلى جنس يتضمنه قوله: {والذي قال}. ويحتمل أن تكون الآية في مشار إليه. ويكون قوله في أولئك بمعنى صنف هذا المذكور وجنسه هم: {الذين حق عليهم القول} أي قول الله أنه يعذبهم {في أمم}. أي جملة: {أمم قد خلقت من قبلهم من الجن والأنس}. يقتضي أن الجن يموتون قرنًا بعد قرن كالأنس.
وقال الحسن في بعض مجالسه: الجن لا يموتون. فاعترضه قتادة بهذه الآية فسكت.
وقرأ العباس. عن أبي عمرو: أنهم كانوا. بفتح الهمزة. والجمهور بالكسر.
{ولكل}: أي من المحسن والمسيء. {درجات} غلب درجات. إذ الجنة درجات والنار دركات. والمعنى: منازل ومراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر. ومن أجل ما عملوا منها.
قال ابن زيد: درجات المحسنين تذهب علوًا. ودرجات المسيئين تذهب سفلًا. انتهى.
والمعلل محذوف تقديره: وليوفيهم أعمالهم قدر جزائهم. فجعل الثواب درجات والعقاب دركات.
وقرأ الجمهور: وليوفيهم بالياء. أي الله تعالى؛ والأعمش. والأعرج. وشيبة. وأبو جعفر. والإخوان. وابن ذكوان. ونافع: بخلاف عنه بالنون؛ والسلمي: بالتاء من فوق. أي و لنوفيهم الدرجات. أسند التوفية إليها مجازًا. اهـ.

.قال أبو السعود في الآيات السابقة:

{والذي قال لوالديه}.
عندَ دعوتِهما لهُ إلى الآيمانِ {أُفّ لَّكُمَا} هو صوتٌ يصدرُ عنِ المرءِ عندَ تضجرِه. واللامُ لبيانِ المؤفَّفِ له كمَا في هَيْتَ لكَ. وقرئ {أُفِّ} بالفتحِ والكسرِ بغيرِ تنوينٍ وبالحركاتِ الثلاثِ معَ التنوينِ. والموصول عبارةٌ عن الجنسِ القائلِ ذلكَ القول و لذلكَ أُخبرَ عنه بالمجموعِ كما سبقَ. قيلَ: هو في الكافرِ العاقِّ لوالديهِ المكذبِ بالبعثِ. وعن قَتَادةَ: هو نعتُ عبدِ سوءٍ عاقِّ لوالديهِ فاجرٍ لربِّه. وما رُويَ من أنَّها نزلتْ في عبدِ الرَّحمنِ بن أبي بكرٍ رضيَ الله عنهُمَا قبلَ إسلامِه يردُّه ما سيأتِي من قوله تعالى: {أولئِكَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول} الآية. فإنَّه كانَ من أفاضلِ المسلمينَ وسَرواتِهم. وقد كذَّبتِ الصدِّيقةُ رضيَ الله عنَها مَنْ قال ذلكَ.
{أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ} أُبعثَ من القبرِ بعدَ الموتِ. وقرئ {أَخْرُجَ}. من الخُروجِ.
{وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِى} ولم يُبعثْ منهم أحدٌ {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ الله} يسألأنه أنْ يغيثَهُ ويوفقَهُ للإيمانِ.
{وَيْلَكَ} أي قائلينَ له ويلكَ. وهو في الأصلِ دعاءٌ عليه بالثبورِ أُريدَ به الحثَّ والتحريضَ على الآيمانِ لا حقيقةَ الهلاكِ.
{ءَامَن إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} أي البعثَ أضافاهُ إليهِ تعالى تحقيقًا للحقِّ وتنبيهًا على خطئهِ في إسنادِ الوعدِ إليهما. وقرئ {أنَّ وعدَ الله} أي آمِنْ بأنَّ وعدَ الله حقٌّ {فَيَقول} مكذبًا لهُما {مَا هذا} الذي تسميانِه وعدَ الله {إِلاَّ أساطير الأولين} أباطيلُهم التي سَطرُوها في الكتبِ من غيرِ أنْ يكونَ لها حقيقةٌ.
{أولئك} القائلون هذه المقالاتِ الباطلةَ {الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول} وهو قوله تعالى لإبليسَ: {لاَمْلأن جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} كما ينبىءُ عنهُ قوله تعالى: {فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ الجن والأنس} وقدْ مرَّ تفسيرُه في سورةِ الم السجدةُ {إِنَّهُمْ} جميعًا {كَانُواْ خاسرين} قد ضيَّعُوا فطرتَهُم الأصليةَ الجاريةَ مجرى رءوس أموالِهم باتِّباعِهم الشيطانَ. والجملةُ تعليلٌ للحُكمِ بطريقِ الاستئنافِ التحقيقيِّ.
{ولكُلّ} من الفريقينِ المذكورينِ {درجات مّمَّا عَمِلُواْ} مراتبُ من أجزيةِ ما عملوا من الخير والشرِّ. والدرجاتُ غالبةٌ في مراتبِ المَثوبة. وإيرادُها هاهنا بطريقِ التغليبِ.
{وليوفيهم أعمالهم} أي أجزيةَ أعمالِهم. وقرئ بنونِ العظمةِ.
{وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} بنقصِ ثوابِ الأولين وزيادةِ عقابِ الآخرينَ. والجملةُ إمَّا حالٌ مؤكدةٌ للتوفية. أواستئنافٌ مقررٌ لها. واللامُ متعلقةٌ بمحذوفٍ مُؤخرٍ كأنَّه قيلَ وليوفِّيهم أعمالَهُم ولا يظلمَهُم حقوقَهم. فعلَ ما فعل من تقديرِ الأجزيةِ على مقاديرِ أعمالِهم فجعلَ الثوابَ درجاتٍ والعقابَ دركاتٍ.
{وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار} أي يُعذَّبُونَ بَها منْ قولهم عُرض الأسُارَى على السيفِ أي قُتلوا. وقيل: يُعرض النارُ عليهم بطريقِ القلبِ مبالغةً.
{أَذْهَبْتُمْ طيباتكم} أي يقال لهم ذلكَ وهو الناصبُ للظرفِ. وقرئ {أأْذهبتُم} بهمزتينِ وبألفٍ بينَهمَا على الاستفهامِ التوبيخيِّ أي أصبتُم وأخذتُم ما كُتب لكُم من حُظوظِ الدُّنيا و لذائِذها.
{فِى حياتكم الدنيا واستمتعتم بِهَا} فلم يبقَ لَكُم بعد ذلكَ شيءٌ منَها.
{فاليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون} أيْ الهوانِ. وقد قرئ كذلكَ.
{بِمَا كُنتُمْ} في الدُّنيا {تَسْتَكْبِرُونَ في الأرض بِغَيْرِ الحق} بغيرِ استحقاقٍ لذلكَ {وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ} أي تخرجونَ عن طاعةِ الله عزَّ وجلَّ أي بسببِ استكبارِكم وفسقِكم المستمرين. وقرئ {تَفْسِقونَ} بكسرِ السِّينِ. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله تبارك وتعالى: {حم تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم}.
وقد ذكرناه {مَا خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} من الشمس. والقمر. والنجوم. والرياح. والخلق {إِلاَّ بالحق} يعني: إلا ببيان الحق. لأمر عظيم هو كائن. ولم يخلقهن عبثًا {وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} يعني: خلقهن لأجل أمر عظيم. ينتهي إليه وهو يوم القيامة. وهو الأجل المعلوم {والذين كَفَرُواْ} يعني: مشركي مكة {عَمَّا أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ} يعني: عما خوفوا به تاركون. فلا يؤمنون به. ولا يتفكرون فيه.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله} يعني: ما تعبدون من الأصنام.
قال القتبي: ما هاهنا في موضع الجمع. يعني: الذين يدعون من الالهة {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرض} يعني: أخبروني ما الذي خلقوا من الأرض. كالذي خلق الله تعالى. إن كانوا الهة {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ في السموات} يعني: أم لهم نصيب ودعوة في السموات.
يعني: في خلق السموات.
ثم قال: {ائتوني بكتاب مّن قَبْلِ هذا} أي: بحجة لعبادتكم الأصنام في كتاب الله.
ويقال ائتوني بحجة من الله ومن الأنبياء من قبل هذا يعني: من قبل هذا القرآن. الذي أتيتكم به. فيه بيان ما تقولون {أو أثارة مّنْ عِلْمٍ} يعني: رواية ترو ونها من الأنبياء. والعلماء {إِن كُنتُمْ صادقين} أن الله تعالى. أمَركم بعبادة الأوثان.
قرأ الحسن. وأبوعبد الرحمن السلمي. {أو أثرة مِنْ عِلْمٍ}.
قال القتبي: هو اسم مبني على فعلة من ذلك. والأول فعالة. والأثرة التذكرة. ومنه يقال: فلان يأثر الحديث أي: يرويه.
وقال قتادة: أو أثارة. يعني: خاصة من علم. ويقال: أو أثارة مِّنْ عِلْمٍ يؤثر عن الأنبياء والعلماء.
فلما قال لهم ذلك سكتوا.
قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُومِن دُونِ الله} يعني: من أشد كفرًا ممن يعبد من دون الله الهة {مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَوْمِ القيامة} يعني لا يجيبه وإن دعاه إلى يوم القيامة {وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غافلون} يعني: عن عبادتهم.
ثم بين إجابتهم وحالهم يوم القيامة. فقال تعالى: {وَإِذَا حُشِرَ الناس} يعني: إلى البعث {كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاء} يعني: صارت الالهة أعداء لمن عبدهم {وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كافرين} يعني: جاحدين. ويتبرؤون منهم {وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا بَيّنَاتٍ} يعني: تقرأ عليهم آياتنا واضحات. فيها الحلال والحرام.
ويقال: بينات فيها دلائل واضحات {قال الذين كَفَرُواْ لِلْحَقّ} يعني: للقرآن {لَمَّا جَاءهُمْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ} أي: حين جاءهم هذا سحر بين.
قوله عز وجل: {أَمْ يَقولونَ افتراه} يعني: اختلقه من ذات نفسه {قُلْ إِنِ افتريته} يعني: اختلقته من تلقاء نفسي. يعذبني الله تعالى عليه.
{فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى مِنَ الله شَيْئًا} يعني: لا تقدرون أن تمنعوا عذاب الله عني {هو أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} يعني: تخوضون فيه من الكذب في القرآن {كفى بِهِ شَهِيدًا} يعني: كفى بالله عالمًا {بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ} ويقال تفيضون أي تقولون ثم قال: {وَهوالغفور الرحيم} يعني: الغفور لمن تاب. الرحيم بهم.
قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مّنَ الرسل} يعني: ما أنا أول رسول بعث {وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى ولا بِكُمْ} يعني: يرحمني وإياكم. أو يعذبني وإياكم.
وقال الحسن في قوله: وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ. يعني: في الدنيا.
وقال الكلبي: وذلك أنه رأى في المنام. أنه أخرج إلى أرض. ذات نخل وشجر. فأخبر أصحابه. فظنوا أنه وحي أوحي إليه. فاستبشروا. فمكثوا بذلك ما شاء. فلم يروا شيئًا مما قال لهم. فقالوا يا رسول الله. ما رأينا الذي قلت لنا.
فقال: «إنَّمَا كَانَ رُؤْيَا رَأَيْتُها. ولم يَأْتِ وَحْيٌ مِنَ السَّمَاءِ. وَمَا أَدْرِي أَيَكُونُ ذلك أولا يَكُونُ».
فنزل قوله: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مّنَ الرسل} يعني: ما كنت أولهم. وقد بعث قبلي رسل كثير. {وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى ولا بِكُمْ} {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ} ويقال: ما أدري ما يفعل بي ولا بكم. يرحمني وإياكم. أو يعذبني وإياكم.
فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إذًا لا فرق بيننا وبينك. كما نحن لا ندري ما يفعل بنا. ولا تدري ما يفعل بك.
وقد عير المشركون المسلمين فقالوا: {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نجوى إِذْ يَقول الظالمون إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلًا مَّسْحُورًا} [الإسراء: 47] لا يدري ما يفعل به. فأنزل الله تبارك وتعالى: {تَبَارَكَ الذي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذلك جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا} [الفرقان: 10] فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة. نزل عليه {وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه وَكَفَّ أَيْدِىَ الناس عَنْكُمْ ولتَكُونَ ءَايَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صراطا مُّسْتَقِيمًا} [الفتح: 20] وقد نسخت هذه الآية {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نجوى إِذْ يَقول الظالمون إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلًا مَّسْحُورًا} [الأسراء: 47].
ثم قال تعالى: {وَمَا أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} يعني: مخوف. مفقه لكم بلغة تعرفونها.
قوله تعالى: {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله} يعني: إن كان القرآن من عند الله تعالى: {وَكَفَرْتُمْ بِهِ} يعني: جحدتم بالقرآن {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إسراءيل} قال مجاهد. وعكرمة. وقتادة هو عبد الله بن سلام.
وروى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يُشْهَدُ لأحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ إلاّ لِعَبْدِ الله بْنِ سَلامٍ» وفيه نزلت {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إسراءيل} {على مِثْلِهِ} أي: على مثل شهادة عبد الله بن سلام.
يعني: بنيامين على مثله.
يعني: على مثل شهادة عبد الله بن سلام. وكان ابن أخ عبد الله بن سلام. شهد على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
وروى وكيع. عن ابن عون قال: ذكر عند الشعبي {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إسراءيل} أنه عبد الله بن سلام.
فقال الشعبي: وكيف يكون عبد الله بن سلام هو الشاهد. وهذه السورة مكية. وكان ابن سلام بالمدينة.
قال ابن عون: صدق الشعبي إن تلك السورة نزلت بمكة. ولكن هذه الآية نزلت بالمدينة. فوضعت في هذه السورة.
وروى داود بن أبي هند. عن الشعبي. عن مسروق قال: والله ما هو عبد الله بن سلام. ولقد أنزلت بمكة. فخاصم به النبي صلى الله عليه وسلم الذين كفرُوا من أهل مكة. أن التوراة مثل القرآن. ومُوسَى مثل محمد صلى الله عليه وسلم. وكُل مؤمن بالتوراة فهو شاهد من بني إسرائيل.
ثم قال: {قُلْ أَرَءيْتُمْ} يعني: تكبرتم وتعاظمتم عن الآيمان {إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين} يعني: الكافرين.
{وَقال الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءآمنوا} يعني: قال رؤساء المشركين لضعفاء المسلمين {لَو كَانَ خَيْرًا} يعني: لوكان هذا الدين حقًا {مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} وقال قتادة: قال أناس من المشركين: نحن أعز. ونحن أغنى. ونحن أكرم. فلوكان خيرًا. ما سبقنا إليه فلان وفلان.
قال الله تعالى: {مَّا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب ولا المشركين أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ والله يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ والله ذُوالفضل العظيم} [البقرة: 105] و{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ والله ذُوالفضل العظيم} [ال عمران: 74] يعني: يختار لدينه. من كان أهلًا لذلك {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ} يعني: لم يؤمنوا بهذا.
أي: القرآن كما اهتدى به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: {فَسَيَقولونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ} يعني: القرآن كذب قديم. أي: تقادم من محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى} يعني: قد أنزل قبل هذا القرآن. الكتاب على موسى. يعني: التوراة {إِمَامًا} يقتدى به {وَرَحْمَةً} من العذاب. لمن امن به {وهذا كتاب مُّصَدّقٌ} يعني: وأنزل إليك هذا الكتاب. مصدق للكتب التي قبله {لّسَانًا عربيًّا} بلغتكم. لتفهموا ما فيه {لّيُنذِرَ الذين ظَلَمُواْ} يعني: مشركي مكة.
قرأ نافع. وابن عامر {لِتُنْذِرَ}. بالتاء على معنى المخاطبة يعني: لتنذر أنت يا محمد.
والباقون بالياء. على معنى الخبر عنه. يعني: ليخوف محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن {وبشرى لِلْمُحْسِنِينَ} يعني: بشارة بالجنة للموحدين {إِنَّ الذين قالواْ رَبُّنَا الله ثُمَّ استقاموا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُون أولئِكَ أصحاب الجنة خالدين فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وقد ذكرناه.